الاثنين، 9 أبريل 2012

الجزء الثالث ( 3 ) التذوق الفني من زاوية تربوية :

            
·       رابعاً / التذوق الفني يُهذب السلوك الأخلاقي في التعامل مع البيئة  :
التذوق الفني يهدف إلى تربية الأفراد جمالياً , فالتربية الجمالية هدف من أهداف التربية بصفة عامة , ولا يُمكن لمجتمع أن يتمتع بمقومات حضارية دون هذا النوع من التربية ، فالسلوك الجمالي مطلوب في التعامل والتعرف على المواقف المختلفة ، وموقف الأفراد تجاه الفن والأعمال الفنية هام في حد ذاته لتقوية سلوكهم نحو اختيار بيئة جمالية .
وأشار البسيوني (1986 م ) إلى قول ( هربرت ريد ) : " أننا حين نخوض في أشكال الحياة الرئيسة في الفرد وفي المجتمع نجد العامل الجمالي مُسيطر ولا يُمكن الهروب منه ، إنه المبدأ الذي يُشكل أي تصميم وأي هدف يُمكن أن نفطن إليه بذكائنا في هذا الكون ، وإذا استنكرنا معناه سوف نسوق البشر إلى فوضى ، وهذا ما حدث مراراً في الفترات المضمحلة في التاريخ البشري ، وأن أُسس بناء المدينة لا ترتكز على العقل وإنما على الحواس , وما لم نتمكن من استخدام الحواس وتربيتها فلا يُمكن أن نحقق الظروف العضوية للحياة الإنسانية ".
إن الدوافع الأخلاقية هي التي تتحكم بضمير الفرد ليكون رقيباً على سلوكه الإيجابي نحو بيئته ليُحافظ على هذه البيئة من كافة أنواع التلوث ، ويتكامل دور الدين والفن في تنمية هذا الاتجاه ، ومنذ القدم كان ( أفلاطون ) قد فكر في أن الفعل الخُلقي جميل والفعل غير الخُلقي قبيح , ورأى أيضاً أنه يجب أن تُراعي الدولة الفنانين وتختار منهم أصحاب المواهب الذين يشكلون البيئة بكل ما فيها من جمال . فإذا شب الجيل الجديد لابد أنه يتنفس الجمال من كل مورد نقي تهب منه نسمة . يقول ( أفلاطون ) : " وستري عند إذن أن صغارنا يسكنون أرضاً صحية منذ سنوات حياتهم الأولى . وسط مناظر وأنغام جميلة ، ويستقبلون الحس من كل شيء ، وسيفيض الجمال على أعينهم وآذانهم من سبل الأعماق الصافية كالهواء العليل المنعش للصحة ، والذي يهبُ من مورد نقي فيُهذب روحهم دون أن يشعروا ، ويدفعها نحو التشبه بالجمال الذي أنتجه العقل و يحببهم فيه ".
ويرى جودي ( 1997م ) أن " الطالب في مراحله الدراسية لابد أن ينال حظه من الثقافة الفنية لكي يُصبح مواطناً ذكياً ، يلعب الذوق والحس المرهف دوراً هاماً في سلوكه وفي حياته ، ويُمكن أن يستند على ذوقه وثقافته الفنية في بناء حياته الجديدة ، وجعلها مُريحة في نفس الوقت ويتعود على الاستمتاع بالأعمال الفنية الجميلة ، وجمال الطبيعة وإدراك قيمتها حسياً وعلاقاتها التشكيلية المنسجمة " .
مما سبق يتضح لنا أهمية غرس الاتجاهات الايجابية لدى الطلاب في التعامل الأخلاقي مع البيئة ، من حيث المحافظة على نظافة الشوارع والمرافق العامة وتكوين اتجاهات عامة في المجتمع لمكافحة كل صور التلوث البيئي ، وخاصة عندما يكون هؤلاء الطلاب في المستقبل أصحاب قرار مؤثر في البيئة الجمالية من خلال جعل جميع أنشطة الإنسان أقل ضرراً على البيئة .
           
·       البسيوني ، محمود ( 1986م ) : تربية الذوق الجمالي . دار المعارف .
·       جودي ، محمد حسين ( 1997م ) : طرق تدريس الفنون . عمان : دار المسيرة للطباعة والنشر والتوزيع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق