في هذه المساحة من المدونة سيتم تسليط الضوء على الجزء الأول من الأهمية التربوية للتذوق الفني ، حيث أن الهدف من عملية التذوق الفني ليست الاستمتاع بجمال الأعمال الفنية فقط ، بل إن هنالك فوائد تربوية عديدة لهذه العملية من أهمها :
· أولاً / التذوق الفني كسلوك جمالي وتهذيب وجداني :
حيث تُشير حنان حسين ( 2001م ) إلى أن ( ولسون Willson ) أكد بأن الطالب عندما يكتسب القدرة على التذوق الجمالي فإنه يكتسب ثلاثة أنماط من السلوك هي ( التقدير , والتعاطف , والإحساس ) وهذا يُساعد على الاستمتاع بالعوامل الجمالية في الفن والبيئة ، وفي التذوق الفني خبرة تساعد الطلاب على البحث وإدراك العلاقات من خلال المراحل التي يمر فيها المتذوق وهذا ما أكده محمود البسيوني ( 1961م ) حيث أشار إلى ثلاثة مراحل يمر فيها المتذوق وهي :
أ - مرحلة البحث (Enquiring ) :
وتتميز هذه المرحلة بالدقة والتمحيص , والتأني في ادراك العلاقات والربط فيما بينها واستنباط القيم المؤثرة , وتتميز أيضاً بالتأمل وهو نوع من النشاط الذهني العميق ، حيث يستجمع فيه الفرد كل خبراته السابقة التي تعينه على النفاذ إلى أعماق العمل الفني وتفسير ما يشمله من مكونات وعناصر . وتحتاج هذه المرحلة من المشاهد أو المتلقي جهداً ومثابرةً وبذل أنواع مختلفة من النشاط الحسي للكشف عن العوامل التي تحقق الاستمتاع الجمالي .
ب - مرحلة الاكتساب ( Acquiring ) :
حيث أن الفرد يكتسب المتعة الجمالية من خلال البحث التأملي الفاحص في مكونات العمل الفني ، والتي تُكسب شخصيته طابعاً جمالياً ينعكس على تعديل سلوكها وتهذيب وجدانها وتضاف إلى رصيدها من الخبرة , والتي تكون وسيلة لتذوق مواقف جمالية جديدة .
ج - مرحلة التعميم ( Generalization ) :
وفي هذه المرحلة يُطبق ويعمم الفرد ما اكتسبه من المواقف الجمالية المختلفة على سائر المواقف في المستقبل نتيجة تكوين حصيلة معرفية تُضاف إلى رصيده من الخبرة السابقة .
ومما سبق نجد أن التذوق الفني خبرة معرفية يحصل عليها المتذوق من خلال عملية الاستكشاف الفاحص مُستخدماً فيها بصره وعقله التأملي الواعي ، ومُنمياً من خلالها مهارات البحث والتقصي لديه ، وهو بذلك يربط الخبرات الجديدة بالخبرات السابقة ليصل إلى الخبرة الجمالية ، فيحصل على خبرات تصقل وتهذب وجدانه وتجعله يُطبق ما يحصل عليه من معارف وخبرات في مواقف تعليمية وحياتيه جديدة ، وهذا ما تؤكده عبير صبحي (1999م) حيث ترى " أن التذوق الفني بمفهومه المعاصر أصبح من السلوك الإبتكاري والجمالي الذي يُنمي حب المعرفة ، ودقة الملاحظة ، وحرية الاختيار ، والحكم على الأشياء ، ومقارنتها . وهذا السلوك يُدعم شخصية الأفراد بسلوكيات وأساليب الرؤية والمعرفة والبحث التي تختلف كثيراً عن ما لو كان الشخص غير مُدرب على التذوق الفني , وحاجة المجتمع ماسة إلى هذه السلوكيات الجمالية , حيث أن المعرفة سواء بالفنون أو في العلوم بدون تذوق تُفقدنا الكثير فتصبح مواد جافة لحشو الذهن ، أما التذوق فيُعطي العلم والمعرفة جانب الاستمتاع ويُضيف على البحث مهارات جديدة تؤكد قيمته " .
· حنان حسين دقماق ( 2001م ) : منهج مقترح لتنمية التذوق الجمالي لغير المتخصصين من شباب الجامعات . رسالة دكتوراه غير منشورة ، مصر : كلية التربية الفنية ، جامعة حلوان .
· البسيوني ، محمود ( 1961م ) : آراء في الفن الحديث . ط3 ، دار المعارف .